الخميس، 29 ديسمبر 2016

فانطلقا .. حتى إذا لقيا غلاما .. فقتله !


Image result for ‫الخضر و موسى و الغلام‬‎


(فانطلقا .. حتى إذا لقيا غلاما .. فقتله)

لماذا قتلت الغلام يا خضر؟؟ لقد جئت شيئاً نُكرا !

الخضر يجيب ببرود كله غرور و بصوت الواثق من نفسه و من عمله ، فيوضح الحكمة العظيمة من قتل الصبي: ((أما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا و كفرا، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة و أقرب رحما))

عدة تساؤلات تطرحها هذه الحادثة و هي وحدها تستحق الوقوف و التأمل في منطقها الأخلاقي.

الغلام هو الفتى دون العاشرة .. أي صبي صغير لم يبلغ الحلم يلعب مع الصبيان ، أمسكه الخضر و قتله لأن الله - و الخضر معه -((خشيا)) أن يتعب أبويه بشقاوته طغيانا و كفراً. يخبرنا تفسير الطبري : أن الخضر وجد غلـماناً يـلعبون، فأخذ غلاماً ظريفـاً فأضجعه ثم ذبحه بـالسكين!

هل هذا مبرر لقتل صبي و إفجاع والديه فيه؟ أن يكفر والداه؟ و إذا كان الله قادرا على أن يبدلهما بصبي آخر أفضل من الأول فلم لم يفعل هذا أساساً مع الصبي نفسه و يجنب قتله؟ أليس هو الذي يهدي (و من يهد الله فلا مضل له) ؟ ألم توجد طريقة أخرى لإصلاح حال الغلام حين يكبرغير سفك دمه؟ ألم يستطع الله أن لا يأذن بخلق هذا الصبي من الأساس بدل أن يتركه ينمو في بطن أمه ثم يولد و يترعرع أمام ناظري أبويه ليأخذه منهما على حين غرة و بلا مقدمات فقط لأنه (خشي) أن يرهقهما طغيانا و كفرا؟ أليس هو علّام الغيوب؟ أم أن خلق الصبي كان غلطة أو فلته ؟

و أين ذهب الخضر عن كل طغاة التأريخ الذين أرهقوا الملايين طغيانا و كفرا و سحقا و حرقا و ذبحا و قتلا و تعذيبا؟ ماوتسي تونغ لوحده أباد 45 مليون إنسان ! ستالين قتل قرابة ال 20 مليون ! "ليوبولد الثاني" ملك بلجيكا أباد و عذب و أغتصب و قتل قرابه 10 مليون كونغولي لعشرات السنين معظمهم من الأطفال! "بول بوت" خلال ثلاث سنوات قتل في كمبوديا ما يقارب الثلاثة ملايين إنسان من المتعلمين و عذب الملايين الآخرين! "فلاد دراكيولا" حكم رومانيا في القرن الخامس عشر كان يتلذذ بقتل الأطفال و النساء و كانت أداة القتل المفضلة لديه هي الخازوق ! حتى أنه أهلك  ربع سكان مقاطعة رومانيا ..و غيرهم الكثير مما لا يسعهم المقال.. فأين كان الخضر عن كل أؤلئك العتاة الجبابرة حين هرع لقتل الصبي و مع من كان يشرب الشاي أثناء هذه المجازر 
المروعة؟  لماذا لم يخش من هؤلاء شيئاً؟

و قبل هذا كله هل لنا أن نسأل .. إذا كان الخوف من هذا الصبي أن يضل والديه المؤمنين قد استوجب قتله .. فلماذا سكت الله عن ابليس الذي أقسم و تعهد بأن يغوي عباده المؤمنين؟ ألم يكن من الأولى القضاء على إبليس في مهده بعد أن أعلن عداوته بدل أن يمنحه الحياة الأبدية ليمارس إغواء البشرية؟

هذه التساؤلات سيجيب عنها المؤمنون بالجواب التقليدي الذي ينبع من الخوف من العقاب لمجرد التفكير : لحكمة لا يعلمها إلا الله ! فليس المهم هذه الجريمة و لا لماذا قتل هذا الغلام ، المهم أن الدرس المستفاد من قصة موسى و الخضر بشكل عام هي: الأشياء لا تبدو على ما هي عليه و دائما هناك حكمة خفية أنت لا تعلمها, و بالتالي عليك بالطاعة العمياء و إياك أن تتساءل أو تعترض على ما تؤمر به, بل و يفضل أن تتجنب عملية التفكير برمتها، و هكذا يسدل الستار حول أي قضية تعترض العقل و المنطق و الأخلاق !

هذه جريمة قتل لا أخلاقية ، و الخضر هذا لو فعل فعلته في أي مجتمع أخلاقي فإنه سيساق إلى المحكمة بتهمة جريمة قتل من الدرجة الأولى مع سبق الإصرار و الترصد، و لن تشفع له تبريراته و لا عذره الذي هو أقبح من ذنبه بأن الله خشي معه على سلامة دين أبويه فقرر ذبح الغلام كي يسلم دين أبويه! و يبدو أن الله شديد الغيرة و الحساسية بحيث يستطيع أن يتحمل مناظر دماء الأطفال و أشلائهم و لا يستطيع أن يتحمل فكرة أن يكفر به إنسان! 

لكن الحقيقة أن القصة كلها تافهة و سخيفة و غير أخلاقية و لا معنى لها سوى تخدير عقول المؤمنين بها كي تهون عليهم الأفعال السادية الوحشية البشعة التي سيقومون بها يوما أو يبررون لها.



في المرة القادمة حينما يتحدث اليك المؤمنون بهذه القصص عن الأخلاق قل لهم إن الأخلاق لا تنحصر فقط فيما بين الفخذين! ثم سلهم عن أخلاقية ذبح الخضر للغلام، و لا تنتظر منهم جوابا يحترم العقل ، ففاقد الشيء لا يعطيه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق