الثلاثاء، 19 يوليو 2016

من أديسون إلى الخوئي ... في ذكرى ولادة إمام المخترعين !



من أديسون إلى الخوئي ... في ذكرى ولادة إمام المخترعين !



تمر علينا هذه الأيام ذكرى ولادة العالم الجليل ، إمام المخترعين ، توماس بن أديسون الميلاني الأوهايوي ، المهندس و رجل الأعمال و المخترع الكبير ، صاحب التصانيف الشهيرة ، و البحوث الكبيرة ، و الإختراعات الكثيرة ، في علوم الكهرباء و الصوتيات ، و الكيمياء و الميكانيك و الضوئيات ، التي تركت بصماتها على حياة المليارات. هو من أوائل من ابتكر مبدأ الإنتاج الجماعي Mass Production و العمل بروح الفريق الواحد Team-work في مجال البحوث و الإختراعات ، و لذلك يعزى إليه الفضل في صناعة مختبرات البحوث.

كان توماس غزير الإنتاج ، فقد سجلت بإسمه 1093 براءة اختراع في الولايات المتحدة ، بالإضافة إلى بريطانيا و فرنسا و ألمانيا ، و أكثر اختراعاته شهرة هو عمله في مجال صناعة المصابيح الضوئية بصورة اقتصادية ، و جهاز التسجيل الصوتي (فونوغراف) و صناعة الأفلام السينمائية ، و ساهمت اختراعاته في ولادة ثورة البث و الإتصالات. 
لقد كان إبداع أديسون في هذه المجالات هو نتيجة متقدمة لعمله كعامل تيليغراف ، حيث عمل على صناعة مولد و موزع للطاقة الكهربائية إلى البيوت و المحلات و المصانع الذي هو أساس التطور و البناء الصناعي في العصر الحديث ، حيث وضع أديسون أول محطاته لتوليد الطاقة في شارع اللؤلؤة (Pearl) في منهاتن نيويوك.

النشئة و الطفولة


ولد أبو الثيودور ، توماس بن أديسون ، الميلاوي ، الأوهايوي ، في يوم 11 شباط فبراير من عام 1847م في مدينة "ميلان" في ولاية "أوهايو" الأميركية، و كان أصغر أخوته الستة. ينحدر أبوه – صمويل بن أديسون - من أصول كندية كان قد هاجر منها مع جده إبان الحرب الأهلية. 
كصبي صغير ، لم يلبث أديسون في مدرسته أكثر من ثلاثة أشهر، حيث كان فائق الحركة ، كثير السؤال و البحث ، قليل الإنصات حتى وصفه معلمه بـ "المشوش" وصعب التعليم ، مما دفع بأمه إلى أن تسحبه من المدرسة و تتولى هي تعليمه في البيت. كان أديسون يقول إن أمه هي من صنعته و آمنت بقابلياته و كانت ملهمته للعمل و الإنتاج ، ففي عمر 11 عاماً أظهر أديسون نهماً للمعارف و كان لا يمل من المطالعة الواسعة لمختلف أنواع المعرفة حتى طوّر طريقته للتعليم الذاتي بدون اشراف أحد ، و هو ما أفاء عليه في حياته فيما بعد.
تعرض أديسون في صباه إلى حادثة أو مرض أثر على قابلياته السمعية ، و انتقلت عائلته للعيش في ميشيغان عام 1854 لأسباب اقتصادية ، حيث عمل أديسون كبائع للحلوى و الجرائد في القطارات ، و كان أحيانا يبيع الخضراوات ليعين معاشه ، و كان في هذه الأثناء يدرس التحليل الكيفي qualitative analysis و يشتغل بالتجارب الكيميائية في أحد القطارات القابعة في المحطة إلى أن تعرضت احدى تجاربه لحادثة منعوه بعدها من الإستمرار في تجاربه.

عقلية رجل الإعمال

في سن 12 ، أقنع أديسون والديه بأن يسمحا له بالعمل لبيع الجرائد على المسافرين في محطة قطارات "جراند ترانك" ، و حصل على تصريح يخوله بأن يكون الموزع الوحيد للجرائد هناك. و بمعاونة أربعة مساعدين ، أسس و طبع و ووزع جريدة "جراند تراك هيرالد" مع باقي الجرائد التي كان يبيعها. كانت هذه بداية أديسون لسلسلة من مشاريع الأعمال التي ميزت حياته ، و فيها اكتشف قدراته و موهبته كرجل أعمال ، هذه الموهبة التي قادته لأن يؤسس أربعة عشر شركة ، من ضمنها شركة جينيرال الكترك General Electric التي لا تزال واحدة من كبرى الشركات العامة المساهمة في العالم.

عامل بدالة التلغراف

أصبح أديسون عاملا لبدالة تلغراف بعد أن أنقذ طفلاً صغيرا عمره 3 سنوات من أن يسحقه قطار فالت ، فعينه والد الطفل عاملاً في تيلغراف المحطة امتناناً له. قضى أديسون قرابة سبعة أعوام يعمل في هذا المجال و يتنقل في مدن الوسط كمحترف لآلة التلغراف. في أوقات فراغه كان أديسون يطالع باستمرار و كان يدرس و يتفحص جهاز التلغراف حتى أصبح ملماً بعلوم الكهرباء. وفي عام 1866 و حينما بلغ من العمر 19 عاماً ، انتقل أديسون إلى ولاية كنتاكي كعامل تيليغراف في دائرة الأخبار التابعة للأسوشيتد برس Associated Press ، و لكنه بعد عامين عاد إلى بيته ليجد أن أمه قد أصيبت بمرض عقلي و أبيه عاطل عن العمل ، ووجد عائلته في فقر مدقع ، مما اضطره للبحث عن عمل يعيل به نفسه و عائلته ، فارتحل إلى مدينة بوسطن التي كانت مركز العلوم و التكنلوجيا في ذلك الوقت حيث عمل في شركو ويسترن يونين Western --union--. طلب أديسون أن يعمل بالشفت الليلي ليتيح له أن يقوم بهواياته في المطالعة و التجارب الكيميائية ، لكن إحدى هذه التجارب كلفته مهنته حيث سقط منه حامض الكبريتيك على الأرض الخشبية فاخترقها و وصل إلى طاولة مديره ، فتم فصله في اليوم التالي.
تلقى أديسون بعد ذلك مساعدة من أحد رفاقه المخترعين (فرانكلين ليونارد) حيث سمح له بأن يعيش و يعمل في قبو بيته في نيو جيرسي ، حيث بدأ يعمل على أولى اختراعاته في مجال التلغراف و آلة إحصاء الإنتخاب الميكانيكة.

المخترع الشاب

في عام 1869م انتقل أديسون إلى نيويورك حيث عمل على أول اختراع له ، و هو تطويره لعداد أسهم بورصة أوتوماتيكي بحيث يجمع فيع أسهم عدة شركان في تحويل مالي واحد. هذه الآلة أثارت اعجاب شركة "يونيفيرسال ستوك برنتر" بحيث دفعت له مبلغ يوازي 40 ألف دولار مقابل هذه الآلة. كان عمر أديسون حينها 22 عاماً ، و بعد أن تحسس هذا النجاج ترك أديسون عمله في شركة التليغراف و تفرغ للبحث و التطوير.
بدأ أديسون احترافه كمخترع في مدينة نيوجيرسي مع أجهزة التلغراف و العدادات الأوتوماتيكية ، لكن اختراعه الذي بدأ شهرته به هو جهاز تسجيل و اعادة الصوت : الفونوغراف ، الذي أذهل الكثيرين في وقته و بدا كأنه آلة سحرية تردد ما يقال لها بنفس الصوت. و بالرغم من محدودية أداء الآلة الأولى (ورق الألمنيوم ملفوف على اسطوانة محززة) لكنها أكسبته شهرة واسعة ، حتى أن جوزيف هنري - رئيس أكاديمية العلوم القومية – وصف أديسون بأنه أشهر عبقري مخترع في تأريخ البلاد .. أو ربما العالم. في أبريل من عام 1878 سافر أديسون إلى واشنطن لاستعراض آلته الجديدة أمام كل من أكاديمية العلماء القومية و الكونغرس الأميركي و البرلمانيين و الرئيس الأمريكي هايس. و بالرغم من اختراع أديسون للفونوغراف ، لكنه لم يعمل كثيراً على تطويره إلى أن تمكن أكسندر غراهام بيل و جستر بيل و جارلز تينتر من تطوير و انتاج جهاز شبيه بالفونوغراف عام 1880 يعمل بالأسطوانات المصنوعة من الورق المقوى و المطلي بالشمع.
مختبر البحوث و موجة الإختراعات

أكبر ابتكارات أديسون العملية كانت إنشاؤه لأول مختبر بحوث صناعي Industrial Research Lab الذي بناه عام 1870 في بلدة مينلو بارك في نيوجيرسي. كان هدف المختبر هو البحث و التطوير للأغراض الصناعية ، حيث تم انشاؤه و تمويله عندما باع أديسون أول جهاز له (التليغراف الرباعي) بمبلغ 100 آلاف دولار لشركة "جاي كَولد" مع نسبة من الأسهم و الضمانات.
بحلول عام 1870 أصبح أديسون مشهوراً بأنه مخترع من الطراز الأول ، و ساعده ذلك على توسيع عمل مختبره حيث وظف مجموعة من أمهر المهندسين فيه و كان مسؤولاً عن توجيه بحوثهم و ابتكاراتهم بما يتماشى مع العقود التي كان يبرمها مع الشركات المختلفة من أجل تحديث و تطوير وسائل العمل و الإنتاج. من ضمن الذين عملوا مع أديسون كان المهندس و الأكاديمي الشهير نيقولا تيسلا ، قبل أن تتحول علاقتهم إلى منافسة حول فعالية استخدام التيار الثابت DC الذي يفضله أديسون أمام التيار المتناوب الذي برع فيه تيسلا و الذي تولته فيما بعد شركة ويستنغهاوس.

عندما بدأت صناعة السيارات بالنهوض ، عمل أديسون على تطوير بطارية يمكنها تشغيل السيارة الكهربائية قبل أن تستحوذ السيارات التي تعمل بالبترول على السوق ، لكنه صمم بطارية التشغيل الآلي Self-Starter لعملاق صناعة السيارات هنري فورد.


أبرز اختراعات أديسون

- الفونوغراف

يعتبر الفونوغراف أول اختراعات أديسون و أحبها اليه ، و هو جهاز تسجيل و إعادة الصوت. كان الجهاز يتكون من لاقط صوتي يحول ذبذبات الصوت إلى حركة ميكانيكة تحرك أبرة صغيرة تقوم بتخديش صفائح المنيوم رقيقة ملفوفة على اسطوانة أو قرص. إن أول رسالة صوتية مسجلة على الفونوغراف كانت بصوت أديسون و هو يقول "ماري كان لديها مصباح صغير" ، هذا التسجيل لا يزال محفوظا و يمكن سماعه في قناة اليوتيوب.

- ألمصباح الضوئي

أشهر اختراعات أديسون هو المصباح الضوئي في عام 1880، و لكن على عكس الإعتقاد الشائع ، فإن أديسون لم يخترع المصباح الضوئي لأنه كان موجوداً من قبل ذلك بعدة سنوات ، لكن مشكلة المصباح الكهربائي في ذلك الوقت أنه لم يكن معولاً عليه ، و كان غاليا ، كثير العطل. و قد سبق أديسون أكثر من عشرين مخترعاً محاولاً تطوير المصباح حتى أيس الجميع من جدواه قبل أن يدخل أديسون حلبة المنافسة.
الذي أبدع فيه أديسون هو أنه أفرغ المصباح من الهواء ، و وجد المعدن الملائم للتوهج و بفولتية قليلة تمكن من صناعة مصباح يستمر لعدة ساعات دون أن يحترق أو يتعطل ، مما جعله قابل للإنتاج الصناعي و بأرخص الأثمان.


- الصور المتحركة

بدأ أديسون عمله في الصور المتحركة عام 1888-1889 ، و كان أول جهاز له عبارة عن تطويع جهاز الفونوغراف مع تركيب حلزوني للصور الفوتوغرافية بحجم 0.16 انج موضوع على اسطوانة ينظر اليها بالناظور ، لكنها لم تكن عملية أو واضحة. لكن بالتعاون مع "دبليو كي إل دكسن" طور أديسون شريط الفيلم السينمائي معتمداً على شرائح السليلويد بحجم 35 ملم التي طورها جورج إيستمان ، و صمم الشريط بحيث يكون مثقبا ًمن الجانبين ليسهل تحريكه بواطة عجلات مسننة ، و كانت هذه بدايات السينما المتحركة.
 



نهاية المسيرة

توفي أديسون عليه السلام و رضي الله عنه و أرضاه و قدّس روحه الزكية الطاهرة عن عمر ناهز الرابعة و الثمانين ، و ذلك يوم الأحد لثمانية عشرة ليلة خلت من شهر أوكتوبر المعظم من سنة 1931م بعد أن عانى من مضاعفات مرض السكري ، و دفن في الفناء الخلفي لبيته الصغير في بقيع نيوجيرسي ، فإنا لله و إنا إليه راجعون ..!


أديسونات المنطقة العربية

بعد مائة سنة تقريباً من ولادة أديسون قرر الملك عبد العزيز بن سعود ادخال خدمة التليغراف اللاسلكي إلى المملكة ، فتصدى له علماء الإخوان الوهابية و طالبوه بتدمير محطات التليغراف لأنها مساكن الجان و لا يجوز الإستعانة بالجان ، نكاية بالكافر النجس أديسون اللعين! 

و نقل لي أحد مقلدي المرجع السبزواري أنه سئل يوماً: مولانا ، من أفضل ، توماس أديسون أم السيد الخوئي؟ فأجاب المرجع: "السيد الخوئي طبعا! لأنه كان مسلماً يرجوا وجه الله في أعماله ، أما أديسون فكان كافراً لا يعرف الله و فعل ما فعل طلباً للشهرة و المال" (على عكس المراجع الكرام الذي يتعففون من المال) . يعني باختصار السيد الخوئي ستفتح له أبواب الجنة و أديسون سيلقى مشوياً في النار.
صدق سماحته في هذا الوصف ، و نحن نؤكد على ذلك بأن نورد إحدى فتاوى الإمام المقدس أبو القاسم الخوئي (قدس) التي أفاد البشرية فيها من مأزق كان سيلقي بها إلى التهلكة لولا أن فتح الله عليه و زاده بسطة في العلم و الفهم ، حيث قال لافض فوه في المسألة 11 في كتابه "المستند في شرح العروة الوثقى" ما يلي موضحاً للأخوة المؤمنين مسألة طالما أرهقت ضمائرهم و أقلقت منامهم و حيّرت ألبابهم واقشعرت لها جلودهم و هزلت لها أبدانهم ، أؤلئك الذين غضوا أباصرهم عما حرّم الله عليهم ، و وقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم ، حتى براهم الخوف بري القداح ، فقال مفرجاً عنهم و مطمئناً لقلوبهم الطاهرة المطهرة : "إذا أدخل الرجل بالخنثى قُبُلا لم يبطل صومه ولا صومها – الحمد لله ، الدين يُسُر – ، وكذا لو دخل الخنثى بالاُنثى ولو دُبُراً ، أمّا لو وطئ الخنثى دُبُراً بطل صومهما ، ولو دخل الرجل بالخنثى ودخلت الخنثى بالاُنثى بطل صوم الخنثى دونهما – هنا للأسف الشديد الخنثى يبطل صومها ، لكن يبقى صوم الرجل و خشوعه صحيحا و صوم الأنثى صحيحا لوجه الله تعالى مع هذه المضاجعة الثلاثية الأبعاد ، انظر سماحة الإسلام ، ثم يكمل مولانا - ولو وطئت كلٌّ من الخنثيين الاُخرى لم يبطل صومهما" انتهى ، لله درك يا أبا القاسم ما أفقهك و أعلمك بهموم الأمة! جزاك الله عن كل خنثى ألف مثلها يوم يقوم الأشهاد من الذكور و الإناث و الخناث! انظر كم أنقذت هذه الفتوى من الأرواح الهائمة و الأنفس الحالمة ، التي كان بعضها يفكر في الإنتحار فرقاً من معصية الإفطار ، فاعتبروا يا أولي الأبصار!

ستظل البشرية مدينة لك يا أمير المخترعين يا أبا ثيودور ، و سيبقى اسمك مرتبطاً بالمصابيح التي تنير لظلام ، في الوقت الذي ارتبطت فيه اسماء غيرك من المخترعين بأبوال البعير و رضاع الكبير و مفاخذة الصغير و مجامعة الخناث و البهائم و الحمير !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق